هذا الديوان و إن كان يبدأ بقصيدة رومانسية و هى قصيدة تفاحتى الحمراء و التى توضح عمق أثر المحبوب فى محبّه حتى أن مجرد رؤيته تحيل دخيلة المحبّ إلى حديقة يملأها الزهر و تعبق بالعطور إلا أن الديوان ينتقل بنا سريعا ليتناول الوضع البشرى الصعب فى مواجهة ظروف الحياة الحديثة و ما تعانية فى ظل هيمنة النظام الرأسمالى الذى يصر على تسليع كل شئ , و هو ما يفقد الإنسان هويته و اتزانه الداخلى , فقصيدة - جسر - تشير إلى تشرذم الإنسان و تشققه النفسى بفعل رغبته فى التحقق فى ظل نظام يصر على تشيّؤه و تشير القصيدة إلى أن الحل فى الداخل و ليس فى الخارج فالجسر الذى يعبر بالإنسان لبر الأمان يُصنع من داخله حيث الأمان أصلا فى الداخل , أما القصيدة الثالثة – المنظومة – فهى تناقش كيفية تصميم النظام الرأسمالى بحيث يحرم الإنسان تماما من المقاومة و يفقده القدرة على الفعل عبر إدراك مهندسيه الجيد للآليات التى يمكن للإنسان اتباعها للتخلص من أسر منظوتهم تلك , و هو ما يجعل الإنسان الحديث يدور مرغما فى فلك المنظومة فيفقد القدرة على الشعور بالمتعة الحقيقة رغم وجود مفردات تلك المتعة حوله حيثما ولىّ بوجهه , فالرغبة فى التملك تهيمن عليه و تفسد ذلك الشعور , لذا فالحل هو قطع الإنسان للعلائق التى تربطه بتلك المنظومة حتى يتمكن من تحقيق هويته و التواصل مع أعماقه الحقيقية , أما القصيدة الرابعة – اللحظة – فتتناول رؤية الإنسان لواقعه بين ماض دائم التفلت منه لكنه فى الوقت نفسه مصر على أحقيته فى التواجد كمشكل لحاضره , و بين مستقبل زاخر بالمتوقع وعدا و وعيدا , و هو ما يجعل حياة الإنسانه فى الحاضر عذابا دائما , إما بسبب شعور طاغ بثقل الماضى المزدحم بما يخزى النفس , و إما بفعل السعى اللاهث طمعا فى وعد آت , و إما بفعل الرعب المقيم خوفا من وعيد آت , و الحقيقة هى أن كل ذلك وهم فالإنسان يعيش الحاضر فقط و ليس الماضى سوى وهم ولىّ لا يملك أى قدرة على الفعل كما أن الآتى ليس سوى وهم متوقع , و من بالغ الحماقة أن يحرم الإنسان نفسه من صفو الحاضر خوفا من مجرد أوهام , أما القصيدة الخامسة – لا يستويان – فهى تدخل بنا مباشرة فى عمق الذات البشرية حيث الصراع الأبدى ما بين داعيين أحدهما داع للمنع و شعاره واضح و هو امنع غيرك خيرك تربح , و هو يرى أن سعى الإنسان يجب أن تعود ثمرته على الذات فقط , فالآخر ليس سوى جحيم فى الخارج لا هم له سوى سرقة مالك سواء أكان ذلك بشكل مباشر عبر السطو أو الغصب أو غير مباشر عبر تملقك و ابتزازك , و الغريب أنه غير راض عنك فى كل الأحوال فإن أعطيته لن تنال منه سوى الحسد و إن منعته لن تنال منه سوى الحقد , أما الداع الآخر فهو داع المنح و شعاره واضح هو الآخر و هو امنح غيرك خيرك تربح و هو يرى أن تحقق الإنسان يتم بقدر قدرته على العطاء فذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق السعادة الداخلية , و الآخر فى تلك العملية له دور بالغ الأهمية فهو رسول القدر لإسعادك فبقدر قدرتك على العطف عليه و التعاون معه بقدر قدرتك على تحقيق تلك السعادة , و هذان الداعيان فى داخل الذات لا يملكان أى قدرة على الفعل فكل دورهما هو أنهما يدفعان الذات للفعل فمن يقرر فى النهاية هى الذات و لا أحد آخر , و عليها أن تختار بوضوح بين الداعيين لأن رغبتها فى المخاتلة بحيث تعطى فى ثوب المنع عبر منح القليل البائس , ذلك فى حد ذاته اختيار فداعى المنح يرفض مثل تلك الأساليب لذا سيتركها حينئذ لداع المنع ليمنحها ما تشاء من خدع
تفاصيل الكتاب: |
|
ISBN-13: |
978-620-3-91191-6 |
ISBN-10: |
6203911917 |
EAN: |
9786203911916 |
لغة الكتاب: |
Arabic |
By (author) : |
شعبان مصطفى الدمنهورى |
عدد الصفحات: |
88 |
النشر في: |
2021-06-21 |
الصنف: |
Language and literature science |