أنفاق إلى السماء

كم اشتقت إلى إمدادك بوجبة الطّعام الّتي جاد بها الرّحمن علينا بعروى وجودك! كم اشتقت بأن أكون الوفيّة الّتي عهدها زوجي لمشروع الثّوار، كيف حصلت على كسرة الخبز من بعدي؟ هل نافست العصافير عليها! أم بقيت معركة أمعائك تنافس متفجّرات قلبك الّذي اشتعل وألهم الشّهب والنّيازك سيمفونيّة النّور.لا أستطيع تذكّر اللحظة الّتي صدعت مآذن المساجد بنبأ نعي استشهادك، أصبحت قنديلا على الجدران، صورتك المشعّة كالشّمس تحاصرني، تحملق بي عيناك السّماويّتان، تذكّرني بنفقي الّذي ضاق بك وقذفك بأسلحتك الصّنديدة دعاء وابتهالا في كتاب السّماء، لا تلتفت إلينا، نحن كأخوة يوسف ما رعيناك ولا حرسناك، وأنت الشّاهد الأخير على دمائنا الفائرة على القضيّة، ضاقت عليك القضيّة، وضاقت قلوب النّاس وبيوتهم عمّا فيك من أسى الطّفولة، ويح قلبي ونفقي كيف سيحتمل دور الخيانة! كان رصاصة بعين المحتلّ تنسج ألف لا بوجه الغزاة والغاصبين ورهانا على روح عنفوانيّة لا تنطفئ، وأجمل ما فيه أنّه رمز وحّدنا، أمّلنا، لإقامة شعائر ضبط البوصلة من جديد، وحّد صوتنا الهاتف بـ: آن أن تنصرفوا من جديلة الوطن.